دفتر احوال -د سمير غنيم - كبسولة حضارة

 

بقلم: د سمير غنيم


لي عم يسكن في القاهرة في القلعة,في احدي الحارات المتفرعة من شارع محمد علي ,في بيت قديم واثري كان قد صدر له العديد من قرارات الإزالة لخطورة السكني فيه, ولأنه معرض للانهيار في آي لحظة ولا يحتاج الأمر لقرار أزاله ,فأنت بمجرد دخولك البيت ومدخله كالسرداب وتضع قدمك علي أول سلمه ,سيسقط قلبك بين قدميك.

ورغم صدور العديد من قرارات الإزالة إلا انه لا الحي ولا المحافظة استطاعا تنفيذ القرارات ,لابسبب الخوف علي الساكنين بل لان البيت يقع وسط مجموعة من البيوت الاخري , اذا ازيل منه بيت سيتداعي كل الشارع من أوله لأخره بالانهيار والسقوط.

هذه بالطبع لوغاريتمات لاحل لها ولاطا قه للحكومة علي إيجاد مساكن بديلة لكل هؤلاء ولاحتي لعشرهم , بل ازعم آن انهيارها وموت ساكنيها لأقدر الله اقل وطأة وكلفة علي الحكومة من إيجاد مساكن بديلة لهم, لذا لقد جرت العادة علي تجديد أوامر الإزالة  وتجديد عدم التنفيذ, ليبقي الوضع كما هو عليه وربك حليم ستار.

نعود لموضوعنا كان عمي يعيش في احدي هذه الشقق , ورغم إن كل مافيها قديم ومتهالك ألا إن زوجة عمي رحمهما الله كانت ست ولا كل الستات . تدخل البيت تجده يلمع من النظافة ومستحيل تري ذرة تراب في أي زاوية فيه.

والأثاث رغم انه عتيق إلاا ته غاية في حسن المنظر والاعتناء الشديد به.

وإذا تصادف وفتحت الثلاجة التي هي ايديال قديمة فانك ستجدها كما لو أنها خرجت من خط الإنتاج لتوها, من فرط نظافتها والعناية بها! وكل مافيها من أطعمة مغسولة ومجففة ومحفوظة في أكياس , والأعجب أن تجد سمكا بلا رائحة رغم انه سمك جمعيات ومغسول وبيلمع وكأنه صيد العصاري! طب ازاي؟!

وبمجرد دخول احد من طرفنا البيت يتم الترحيب بك ولا كأنك ضيف كبير رسمي علي الدولة, ومن فورها تبدأ في إعداد أشكال وألوان من الأطعمة حتي لتصاب من الدهشة والحيرة ممن أين جاءت بكل هذه الأصناف وكيف اشتروها وأنت الخبير با  لبير وغطاه ؟ وقبل كل ذلك ستجد احدي بيجامات عمي جاهزة لتبدل بها ثيابك , والبيجامة الكستور الشعبي تقولشي بدله مستوردة من نظافتها وكيها ! وبمجرد خلع ثيابك وارتداء البيجامة لن تلحظ أبدا أنها سارعت وأخذت ملابسك وغسلتها ونشرتها  وجفت وتم كيها لك دون أن تشعر إلا لحظة ارتدائك لها , وساعتها تشعر انك في وسط هدومك من الإحراج بينما هي تبتسم بحنان مهونة عليك الأمر, وتقولك كل الحكاية خمس دقائق وكده كده كان فيه غسيل عندنا , يعني معملناش حاجة مخصوص علشانك !

وعند دخولك الحمام وهو بلدي بالمناسبة , تجده أنظف من أي حمام في فندق خمس نجوم بلا أي مبالغة , وريحه ألفنيك والمطهرات تزعق بالنظافة.

وفي نهاية الزيارة لاتحاول أن تفهم أو تسال سؤالا أنت تعلم مسبقا انه لااجابة منطقية له؟ أزاي عايشين العيشة دي بمرتب عمي اللي مستحيل يجيب واحد علي عشرة من ده ؟ ولديه ثلاث بنات عرائس وشوف عاوزين ايه؟ وبعد أن يكاد عقلك يتوقف عجزا , ومع استخدامك كل الأنظمة الحسابية والمحاسبية وبرامج الكمبيوتر والجداول الرياضية وأنظمة فك الشفرات المعقدة ! لن تصل إلي أي شيء , لكن الإجابة بسيطة وتكمن في كلمة واحدة (((( البركة)))).


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عشر مهارات للعلاقة الجنسية- د دعاء القويسني- كبسولة حضارة

الدراما لا تعرف الكتاكيت -خالد السيد علي - كبسولة حضارة

العلاقات السامة "toxic relationship "- سلمى سرحان -كبسولة حضارة