الغربة كربة - د سمير غنيم - كبسولة حضارة

 بقلم: د سمير غنيم


الغربةً كربة،ولكن ليس كل اغتراب غربة،فاذا كنت تعيش في بلاد إسلامية عامة وعربية على وجه الخصوص فانت لست في غربة  كما لو كنت غريبا في بلاد غريبة لاشيء يجمعك بها ولا بمن فيها لادين ولا لغة ولا عادات اوتقاليد او ثقافة،فقط القاسم المشترك هو الانسانية وحتى الهم الإنساني ليس مشتركا،فما يعنيهم ويرونه امرا جللا وحديث الساعة،تراه انت "ناس فايقه ورايقة ومش لقيالها شغلانة""او "ناس هايفة"!في اوروبا وجدت الجاليات العربية والإسلامية تعيش غربة حقيقية،،تتقوقع على نفسها في محاولة لحماية نفسها من قيم المجتمع  التي تراها تفككا وانحلالا وضياعا تخشى منه على أفرادها وتحديدا الاطفال والمراهقين وتسعى جاهدة الى عزلهم عن المجتمعات التي يعيشون فيه،وهي دوما المهمة المستحيلة،فالطفل ابن المجتمع الذي ينمو فيه ويكبر مهما حاولت ان تغيره وتطبعه بطباعك او بما تريد،قد يكون لك مااردت جزئيا ولكن ماحوله من مؤاثرات ينتصر في النهاية،ماالحل اذن؟لا حل،التسليم بالواقع والواقعية واستمرار عذاباتك ومعاناتك وانت ترى غرسك وأملك ومناك في الدنيا وامتدادك في الحياة يضيع امام عينيك ولاتملك لما تراه دفعا،وياما شفت بنات ولا اقول اولاد اصبحت أوروبية بمجرد ان تصل لمرحلة المراهقة تبدء في حالات كثيرة في التدخين واللهاث واللحاق بكل صرعات العصر ليس يعنيها مايعني اسرتها ومنهن من تلجأ للشرطة تشكو اسرتها وتطلب حمايتها منها وتحديدا والدها وإخوتها الذكور احيانا او والدها غالبا فقد يكون الذكور ايضا قد جرفهم التيار ،ويجد الأب نفسه يوقع اقرارا في افضل الحالات بالا يتعرض لها  باي شيئ والا سوف تتخذ ضده الإجراءات القانونية التي تردعه وتسحب حضانتها منه ليجد الأب نفسه وسط طوفان يحاول جاهدا  إنقاذ مايمكن انقاذه فيه،وقد،تفلح المحاولات احيانا كالعودة بالأبناء الى حضن الوطن،او الاستمرار في الصراع العبثي والأزلي مع كل ماحوله ومن حوله،ويحتمي بالدِّين والجاليات العربية والإسلامية ولكن الحال من بعضه والهم طايلني وطايلك،وحتى لو عاد بهم للوطن،فهم كمن يرقص على السلالم،وتكون عذابات ومعاناة الأولاد مريرة في كل لحظة بين ماكانوا فيه ومااصبحوا،ناهيك عن انه لا احد يرحمهم في وطنهم،فالكل يتعامل معهم على انهم اما خواجات بيشتغلوهم على مدار الساعة  وفي كل مكان يذهبون اليه او حتى يتواجدون فيه او انهم عيال مرفهة ومدلعه وهاتك ياسخرية واستفزاز في كل مكان وكل الأوقات وحتى في العطلات الرسمية!!وهنا تكون معاناة الأبناء وعذاباتهم  ونقمتهم على الآباء والمجتمع والوطن مضاعفة،،منهم من يتأقلم سريعا وهذا استثناء من القاعدة ومنهم من  ينزوي ويتقوقع وينعزل داخل نفسه ومع نفسه لتبدء الامراض النفسية في الظهور والتي لاتنتهي في العادة او ينحرف وفق كتالوج الانحراف المحلي وليس الأجنبي-ماعاد هناك فرق في أنماط الانحراف بين هنا وهناك ليجد الآباء في النهاية انهم لا طالوا  بلح الشام ولاعنب اليمن ولو كانوا فضلوا في مكانهم في الغربة كان أحسن بكتير،وفي كل الأحوال الجميع جناة والجميع ضحايا!المشكلة اننا دوما لانريد الحياة "باكيج اوشروة"بل عاوزينها "نقاوة او وش القفص"وهو مالايحدث ولن يحدث ابدا،عاوزين من الغربة وبالذات اوروبا وأمريكا التقدم والعيشة الحلوة والعز واكل الوز وعملتها الصعبة ولكن لانريد قيمها وعاداتها وتقاليدها وثقافتها،وطبعا ماكانش ينعز ولا كان حد غلب،الا يقول المثل الإسباني"اختر ماتشاء وادفع الثمن"؟!المغتربون في اجمالهم يريدون ان يختاروا مايشاوءون دون ان يدفعوا الاثمان المستحقة،ولاتوجد وجبات مجانية كما يقول الأمريكان!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عشر مهارات للعلاقة الجنسية- د دعاء القويسني- كبسولة حضارة

الدراما لا تعرف الكتاكيت -خالد السيد علي - كبسولة حضارة

العلاقات السامة "toxic relationship "- سلمى سرحان -كبسولة حضارة